05 - 05 - 2025

مؤشرات | شركة العاصمة وإجابات غائبة

مؤشرات | شركة العاصمة وإجابات غائبة

بعيدا عن الجدل حول العاصمة الإدارية، بل تحديدَا شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية (المالكة - المشغلة) للعاصمة الإدارية، فإن العاصمة أصبحت أمرا واقعيًا على الأرض، ولا شك أن الزائر للعاصمة سيدرك أنها مشروع عمراني ضخم، قد تكون له خصوصية، باعتبارها "مدينة مغلقة" على غرار مفهوم "الكمبوند".

والمدينة بالفعل تتضمن العديد من التجمعات العمرانية متعددة الأغراض، منه ماهو حكومي، وإداري، وسكني متعدد المستويات، بخلاف تجمعات للخدمات والفندقة، ومشروعات للتسوق، والترفيه، بخلاف التجمعات الدينية والثقافية، إلى جانب مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، والعديد من الهيئات والجهات الحكومية، والقصر الرئاسي، مع وجود حي لقنصليات الدول الأجنبية، وحي المال.

وبالتالي فالحديث عن المدينة وجدواها، أصبح جزءا من الماضي، فهناك مباني وواقع على الأرض، يجب التفكير في استغلاله وتوظيفه، بالشكل الأمثل، ومعالجة بعض المشاكل التي تظهر مع الوقت، وهو أمر تفرضه المتغيرات الطبيعية والبيئية والمناخية مثل قضية المياه الجوفية، وغيرها.

يبقى ما يحتاج لتوضيح وشفافية أعلى، الإجابة على الأسئلة الراهنة والمستقبلية، هو طبيعة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية التي ألت إليها ملكية المدينة وتشغيلها، وأين موقع الدولة والملكية العامة من هذه الملكية، على اعتبار أن المدينة تقع على أرض ملكية عامة، وتبنتها وأنفقت عليها الدولة المصرية أموالا طائلة في سنواتها الأولى، بل من الوارد جدا أن تكون بعض القروض التي استدانتها الدولة ذهب للعاصمة نفسها.

منذ أيام صرح المهندس خالد عباس، رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية الجديدة بأن شركة العاصمة تملك أصولا على الأرض تتعدى 300 مليار جنيه، وهي منطقة كانت غير مأهولة منذ خمس أو ست سنوات، وكان يعتقد الكثيرون أنها غير قابلة للتطوير، أما اليوم، فقد أصبحت هذه الأراضي تُباع بأسعار تتجاوز 60 ألف جنيه للمتر في بعض المناطق مثل منطقة الأبراج.

هذا صحيح أن الأرض كانت غير مأهولة وصحراء، وهذه طبيعة كل المدن الجديدة في مصر والعالم، فكل التجمعات العمرانية في أراضي مصر هي صحراء وغير مأهولة، ومن هنا تأتي فكرة "التنمية العمرانية" التي تقوم بتحويل الصحراء إلى مدن تدب فيها الحياة، بفعل مد الطرق والخدمات، وما جاء على لسان المهندس خالد شيء طبيعي، فبعد التعمير تتحول الأراضي الصحراوية إلى حياة عمرانية.

وشخصيا زرت العديد من المدن الجديدة حول العالم، في أوروبا وأسيا وفي محيطنا العربي، وحتى في إفريقيا، والتي تحولت بفعل التعمير إلى حياة كاملة، وبالتالي يرتفع فيها سعر المتر من الأراضي المسطحة والمبنية إلى عشرات الآلاف من العملات، وتلك طبيعة التعمير بكل مستوياته.

ولا يمكن أن ينكر أحد كل ما تم من تعمير في العاصمة الإدارية الجديدة، والجاري اختيار اسم ثابت لها، في مسابقة وطرح محلي وعالمي، وحسب تصريحات رئيس شركة العاصمة، فقد سددت ضرائب للدولة وصبت في الخزينة العامة للدولة وميزانيتها العامة، وبلغ حجم الضرائب التي تم سددتها شركة العاصمة في 2024 حوالي 11 مليار جنيه مقابل 8 مليارات جنيه في 2023، وعلى مدى 5 سنوات ما يزيد عن 20 مليار جنيه.

وهذا شيء طيب وطبيعي في نفس الوقت، لأن الشركة تحقق أرباحًا حتما أنها معتبرة، لكن تبقى قضية الجدل والتي تحتاج إلى إجابات محددة وبشفافية عالية، والتي تحتاج إلى حسم، وكلها تتعلق بملكية شركة العاصمة، وأصحاب رأس المال، وحصة الدولة فيها، وكيف آلت إليها ملكية أراضي العاصمة والتي تصل إلى 174 ألف إلى 180 ألف فدان، وموقف أي أصول مستقبلا.

واسئلة تتعلق بالموقف من النفقات التي ضختها الدولة في مد المرافق من طرق وأنفاق وكباري لخدمة أراضي ومشروعات العاصمة، وعلى شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء، والغاز والاتصالات، وغيرها، بخلاف وصول القطارات والمونوريل إليها.

والذي أثار الجدل ما قاله المهندس خالد عباس، رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية الجديدة، إن القصر الرئاسي والمباني الحكومية والوزارات جميعها أصول تمتلكها الشركة ومؤجرة للحكومة بعقد 49 سنة، وهذا الكلام ليس بجديد، فقد سبق وأعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل سنوات، وذكره من قبل الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.

وشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية هي شركة مساهمة مصرية خاضعة لقانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، برأس مال مدفوع 6 مليارات جنيه مصري، وتضم في عضوية مجلس إدارتها 3 أعضاء ممثلين لهيئة المجتمعات العمرانية، وعضوين ممثلين لجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، وعضوين ممثلين لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، من بين  13 عضوًا، يشكلون مجلس إدارة الشركة، والذي يضم في عضويته 6 أعضاء من ذوي الخبرة.

ويعني وجود عضوية من تلك الجهات الثلاثة، أن تمثل حصص لها في الشركة، وفي راس المال، وهذا يعني أن الأمر كله بحاجة إلى توضيحات مالية، مهمة وأين ملكية الشعب في هذه الشركة وبصفة عامة في أصول الشركة؟.

كل هذه أسئلة وغيرها، مازالت إجاباتها غائبة، وتحتاج لتوضيحات رسمية، ومقنعة، عن شركة العاصمة للتنمية العمرانية، حتى يفهم الجميع كل شيء، ولا نترك الناس للتخمينات والشائعات، ولكل من يسعى للترويج.. فعلا محتاجين من يرد على أكبر التساؤلات (محتاجين حد يفهمنا؟)
-----------------------------
بقلم:
محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | نتائج انتخابات الصحفيين وماذا جرى؟